-سورة الكهف
قال بعضهم: مناسبة وضعها بعد سورة الإسراء: افتتاح تلك بالتسبيح وهذه بالتحميد وهما مقترنان في القرآن وسائر الكلام بحيث يسبق التسبيح التحميد نحو: «فسبِح بحمدِ ربك» وسبحان الله وبحمده قلت: مع اختتام ما قبلها بالتحميد أيضاً وذلك من وجوه المناسبة بتشابه الأطراف ثم ظهر لي وجه آخر أحسن في الاتصال وذلك: أن اليهود أمروا المشركين أن يسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ثلاثة أشياء: عن الروح وعن قصة أصحاب الكهف وعن قصة ذي القرنين وقد ذكر جواب السؤال الأول في آخر سورة بني إسرائيل فناسب اتصالها بالسورة التي اشتملت على جواب السؤالين الآخرين فإن قلت: هلا جمعت الثلاثة في سورة واحدة قلت: لما لم يقع الجواب عن الأول بالبيان ناسب فصله في سورة ثم ظهر لي وجه آخر: وهو أنه لما قال فيها: «وما أُوتيتُم مِن العلمِ إِلا قليلا» والخطاب لليهود واستظهر على ذلك بقصة موسى في بني إسرائيل مع الخضر التي كان سببها ذكر العلم والأعلم وما دلت عليه من إحاطة معلومات الله عز وجل التي لا تحصى فكانت هذه السورة كإقامة الدليل لما ذكر من الحكم وقد ورد في الحديث أنه لما نزل: «وما أُوتيتُم مِن العلمِ إِلا قليلا» قال اليهود: قد أُوتينا التوراة فيها علم كل شيء فنزل: «قُل لو كانَ البحرُ مِداداً لكلمات رَبي لنَفدَ البحر قبلَ أَن تنفد كلمات ربي ولَو جِئنا بمثلهِ مدداً» فهذا وجه آخر في المناسبة وتكون السورة من هذه الجهة جواباً عن شبهة الخصوم فيما قدر بتلك وأيضاً فلما قال هناك: «فإِذا جاءَ وعد الآخرةِ جِئنا بكُم لفيفاً» شرح ذلك هنا وبسطه بقوله: «فإِذا جاءَ وعد ربي جعله دكاء» إلى «ونُفِخَ في الصور فجمعناهم جمعاً وعرضنا جهنم يومئذٍ للكافرين عرضاً» فهذه وجوه عديدة في الاتصال