-سورة المؤمنون
أقول: وجه اتصالها بسورة الحج: أنه لما ختمها بقوله: «وافعلوا الخير لعلكُم تُفلِحون» وكان ذلك مجملاً فصَّله في فاتحة هذه السورة فذكر خصال الخير التي من فعلها فقد أفلح فقال: «قد أَفلحَ المؤمنون الذينَ هُم في صلاتِهِم خاشعون» ولما ذكر أول الحج قوله: «يا أَيُها الناس إِن كنتُم في ريبٍ مِن البعثِ فإِنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة» زاده هنا بياناً في قوله: «ولقد خَلقنا الإِنسانَ مِن سُلالةٍ مِن طين ثُم جعلناهُ نطفةً في قرارٍ مكين» فكل جملة أوجِزَت هناك في القصد أطنب فيها هنا أقول: وجه اتصالها بسورة قد أفلح: أنه لما قال: «والذينَ هُم لفروجهم حافظون» ذكر في هذه أحكام من لم يحفظ فرجه من الزانية والزاني وما اتصل بذلك من شأن القذف وقصة الإفك والأمر بغض البصر وأمر فيها بالنكاح حفظاً للفروج وأمر من لم يقدر على النكاح بالاستعفاف وحفظ فرجه ونهى عن إكراه الفتيات على الزنا ولا ارتباط أحسن من هذا الارتباط ولا تناسق أبدع من هذا النسق سورة الفرقان ظهر لي بفضل الله بعدما فكرت في هذه: أن نسبة هذه السورة لسورة النور كنسبة سورة الأنعام إلى المائدة من حيث أن النور قد ختمت