ملخص القواعد والضوابط والفوائد من مقدمة في أصول التفسير للشيخ أحمد بن عمر بازمول
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
أما بعد :
فقد منَّ الله عليَّ بتدريس كتاب المقدمة في أصول التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، في إحدى الدورات العلمية بمكة، وعند الانتهاء من تدريسها لخصت القواعد والضوابط والفوائد التي احتوتها هذه المقدمة؛ لأنها مع اختصارها إلا أن شيخ الإسلام رحمه الله لشدة تمكنه من العلم قد توسع وتشعب في بعض المواضع ـ زيادة للبيان والإيضاح ـ مما قد لا يستطيع معه الطالب المبتدئ فهم القاعدة .
وإليك القواعد والضوابط من مقدمة في أصول التفسير لشيخ الإسلام مرتبة على مباحث المقدمة نفسها :
(المقدمة)
ـ كتب التفسير مليئة بالأحاديث الضعيفة والواهية والأقوال التي لا دليل عليها .
ـ العلم إما نقل مصدق (أي نقل جاء من طريق مقبول: حسن أو صحيح) عن معصوم (هو الرسول r ) وإما قول (أي قول صحابي فمن بعده) عليه دليل معلوم وما سواهما فإما مزيف مردود (أي باطل) وإما موقوف لا تعلم صحته من ضعفه .
فصل (بيان النبي r لمعاني القرآن) :
ـ على المشتغل بالتفسير أن يعلم أن النبي r بيَّن لأصحابه معاني القرآن قولاً وفعلاً وإقراراً (وفائدة هذا : أن المفسر عليه أن يبحث عن المعنى في القرآن والسنة قبل أن يهجم على التفسير)
ـ كلما كان العصر أشرف كان الاجتماع والائتلاف والعلم والبيان فيه أكثر .
ـ تفسير التابعي شيء أخذه من الصحابي وآخر قاله باجتهاده .
فصل (اختلاف السلف في التفسير)
ـ الاختلاف نوعان :
اختلاف تضاد : وهذا مذموم .
و اختلاف تنوع : وهذا ليس بمذموم لأنه اختلاف في اللفظ مع اتحاد أو تقارب المعنى .
ـ غالب اختلاف عبارات السلف هي من اختلاف التنوع لا التضاد .
و اختلاف التنوع له حالتان :
أ ـ أن تكون الكلمة لها عدة صفات فيذكر أحدهما صفة تدل على معنى والآخر صفة على معنى آخر .
ب ـ أن تكون الكلمة عامة يدخل فيها أفراد كثيرون فيذكر أحدهما فرداً و يذكر الآخر فرداً أو تكون الكلمة من باب : المشترك اللفظي أو المتواطيء اللفظي أو المترادفات .
ـ (قاعدة في الأسماء والصفات) :
كل اسم من أسماء الله يدل على ثلاثة أشياء :
أحدها : على الذات المسماة .
ثانيها : والصفة التي تضمنها الاسم .
و ثالثها : على صفة أخرى جاءت في اسم آخر .
ـ (الدلالة اللفظية) الدلالات اللفظية ثلاثة أنواع :
دلالة مطابقة .
و دلالة تضمن .
و دلالة لزوم .
فمثلاً : اسم الخالق :
يدل على الذات المسماة وعلى صفة الخلق : دلالة مطابقة .
و يدل على الذات المسماة فقط أو الصفة : بدلالة التضمن .
و يدل على صفة أخرى كالقدرة : بدلالة الالتزام .
ـ نزول القرآن :
نزول ابتدائي : أي بلا سبب .
نزول سببي : إما لسؤال وإ ما لبيان واقعة وحادثة .
ـ ألفاظ أسباب النزول على نوعين :
صريحة : أن يقول حصل كذا فأنزل الله كذا .
و غير صريحة : أن يقول نزلت هذه الآية في فلان .
و هذا غير صريحة إذ يحتمل أن يكون مراده نزلت في حكمه وحالته لا فيه نفسه .
ـ العبرة بعموم السبب لا بخصوص اللفظ .
ـ من قال العبرة بخصوص اللفظ لم يقصد أنها مختصة فيمن نزلت فيهم دون غيرهم .
ـ معرفة سبب النزول تعين على فهم الآية .
ـ قول الصحابي : نزلت هذه الآية في كذا هل له حكم الرفع أم الوقف .
ـ الترادف في اللغة قليل وفي ألفاظ القرآن نادر أو معدوم .
ـ إذا عدي الفعل بحرف معنى آخر غير المعروف له :
فهذا معناه أن الفعل ضمن معنى فعل آخر عند نحاة البصريين وهذا هو الصواب .
أو أن الحرف ضمن معنى حرف آخر كما عند الكوفيين .
ـ إذا أردت أن تفهم معنى الآية فاجمع كلام السلف في الآية .
ـ لم يقع الخلاف في ضروريات الدين بل هو متواتر .
ـ الاختلاف في مسائل محصورة لا يعني عدم صحة بقية المسائل في الباب .
ـ للاختلاف أسباب :
منها : خفاء الدليل ومنها : الذهول عن الدليل ومنها : عدم السماع بالدليل ومنها : الغلط في فهم النص ومنها : اعتقاد معارض .
(فصل : في نوعي الاختلاف في التفسير)
ـ سبب اختلاف المفسرين ـ بعد عصر السلف الصالح ـ اعتمادهم على أمرين :
أ ـ الدليل النقلي .
ب ـ الدليل العقلي الاجتهادي .
ـ والنقل : إما عن معصوم وهو الرسول r وإما عن غير معصوم وهم الصحابة والتابعون
ـ وهذا الدليل النقلي له حالتان :
أ ـ ما يمكن معرفة الصحيح منه والضعيف فيؤخذ الصحيح ويرد الضعيف .
ب ـ المتوقف في قبوله ورده وهو ما لا يمكن الجزم بصدقه كالإسرائيليات .
و غالب هذا من فضول العلم بحيث لا يضر جهله ولا تنفع معرفته .
ـ ما يحتاجه المسلمون (الضروري من أمور دينهم): فهو معروف واضح لا خلاف فيه .
ـ قد يقع الخلاف في مسائل يحتاج إليها بقلة أو نادراً .
ـ تفسير الصحابي حجة لما يلي :
1/ الظاهر أنه أخذه عن النبي r .
2/ أنه لم ينقله عن أهل الكتاب .
خاصة وأن الصحابة لا يعتمدون على الإسرائيليات ولا ينقلونها إلا في القليل النادر .
3/ أنه يجزم بتفسير الآية ؛ وهم معروفون بورعهم وخوفهم من الله .
فلو كان أخذه عن أهل الكتاب ـ وقد أمر بعدم التصديق وبعدم التكذيب ـ فلو كان أخذه عن أهل الكتاب لم يجزم .
ـ إذا فسر التابعي الآية ولم نعلم صحة قوله نتوقف فيه كما في الروايات الإسرائيليات .
ـ قول الإمام أحمد ثلاثة أمور ليس لها إسناد : التفسير والملاحم والمغازي له توجيه :
خلاصته : أن الخبر المنقول قد يكون باعتبار سند واحد ضعيف لكن إن ضم وجمع بعضه إلى بعض تحققنا صدق الخبر المنقول .
و ذلك أن الخبر المنقول له ثلاثة أحوال :
ما رواه الثقة فيقبل .
و ما رواه الكذاب فيرد ولا يقبل .
و ما رواه المجهول أو من لا يحفظ فهذا ينظر فيه :
إن وجدنا له متابعاً أو شاهداً تقوى ما حصلت فيه المتابعة .
و إن لم نجد ما يقويه من متابع أو شاهد توقفنا فيه فلا نصدقه ولا نكذبه .
ـ الضعيف يتقوى بشروط :
1/ أن يأتي من طرق مختلفة متعددة .
2/ أن يكون سبب الضعف يسيراً خفيفاً .
3/ أن لا يقع التواطؤ والاتفاق .
ـ وإذا توبع الضعيف فلا يخلو من حالتين :
الأولى : أن يتابع على جميع ما روى فتقوى جميع خبره .
الثانية : أن يتابع على بعض ما روى فيتقوى ما توبع عليه والباقي يتوقف فيه .
ـ أن الثقة الحافظ قد يخطئ ويهم لكن لا بد من بيان الدليل على خطئه .
ـ أعلم الناس بالمغازي أهل المدينة ثم أهل الشام ثم أهل العراق .
ـ أعلم الناس بالتفسير أهل مكة وأهل الكوفة وأهل المدينة .
فائدة هذا : أننا قد نرجح عند الاختلاف قول بعضهم لأنهم أعلم الناس به .
ـ جمهور أحاديث الصحيحين مقطوع بصحته لأن الأمة أجمعت على تلقي ما فيهما بالقبول
ـ خبر الواحد إذا تلقته الأمة بالقبول يوجب العلم بصحته بإجماع السلف والمحدثين .
(فصل : النوع الثاني : الخلاف الواقع في التفسير من جهة الاستدلال)
ـ سبب الخطأ في التفسير بالرأي والاجتهاد أمران :
الأول : أن المفسر قد يعتقد رأياً ويفسر القرآن على رأيه ويحمله عليه دون النظر هل الآية تدل عليه أم لا .
الثاني : أن المفسر قد يفسر القرآن بمجرد لغة العرب دون مراعاة لسياق الآية والمراد بها .
ـ من فسر القرآن على رأي اعتقده دون أن تدل الآية عليه لهم طريقتان :
أ ـ تارة يسلبون لفظ القرآن ما دل عليه وأريد به .
ب ـ وتارة يفسرونه بمعنى لم يدل عليه ولم يرد به .
ـ من لم يتبع مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم كان مخطئاً في ذلك بل مبتدعاً وإن كان مجتهداً مغفوراً له خطؤه .
(فصل : أحسن طرق التفسير)
(فصل : في تفسير القرآن بأقوال التابعين)
ـ أصح طرق التفسير :
أ ـ أن يفسر القرآن بالقرآن .
ب ـ أن يفسر القرآن بالسنة النبوية .
كما أخرج البخاري في الصحيح عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّنَا لَا يَظْلِمُ نَفْسَهُ قَالَ لَيْسَ كَمَا تَقُولُونَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ بِشِرْكٍ أَوَلَمْ تَسْمَعُوا إِلَى قَوْلِ لُقْمَانَ لِابْنِهِ {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}
فهذا الحديث فيه تفسير القرآن بالقرآن وفيه تفسير القرآن بالسنة لأن النبي r وضح للصحابة المراد بالظلم .
ج ـ أن يفسر القرآن بأقوال الصحابة .
د ـ أن يفسر بأقوال التابعين .
د ـ أن يفسر بلغة العرب والرأي المحمود بشروطه المعتبرة .
ـ الروايات الإسرائيلية تُذْكَرُ لِلِاسْتِشْهَادِ لَا لِلِاعْتِقَادِ .
ـ الروايات الإسرائيلية عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ :
" أَحَدُهَا " مَا عَلِمْنَا صِحَّتَهُ مِمَّا بِأَيْدِينَا مِمَّا يَشْهَدُ لَهُ بِالصِّدْقِ فَذَاكَ صَحِيحٌ .
و " الثَّانِي " مَا عَلِمْنَا كَذِبَهُ بِمَا عِنْدَنَا مِمَّا يُخَالِفُهُ .
و " الثَّالِثُ " مَا هُوَ مَسْكُوتٌ عَنْهُ لَا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ وَلَا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فَلَا نُؤْمِنُ بِهِ وَلَا نُكَذِّبُهُ وَتَجُوزُ حِكَايَتُهُ .
وَغَالِبُ ذَلِكَ مِمَّا لَا فَائِدَةَ فِيهِ تَعُودُ إلَى أَمْرٍ دِينِيٍّ .
ـ قال ابن عباس رضي الله عنهما : التفسير على أربعة أوجه :
وجه تعرفه العرب من كلامها .
و تفسير لا يعذر أحد بجهالته .
و تفسير يعلمه العلماء .
و تفسير لا يعلمه إلا الله تعالى .