بسم الله الرحمن الرحيم
السؤال:
البعض يعتقد بأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم شهيد وأنه في حياة البرزخ حيث يستطيع أن يسمعنا إذا سألناه وطلبنا شفاعته (بسبب فضله وقربه من الله ) حين ندعوا الله .
الجواب
الحمد لله
النبي صلى الله عليه وسلم حي في قبره حياةبرزخية يحصل له بها التنعم بما أعده الله له من النعيم جزاء له على أعماله العظيمةالطيبة التي قام بها في دنياه ، وليست الحياة في القبر كالحياة في الدنيا ولاالحياة في الآخرة ، بل هي حياة برزخية وسط بين حياته في الدنيا وحياته في الآخرةوبذلك يعلم أنه قد مات كما مات غيره ممن سبقه من الأنبياء وغيرهم قال تعالى : (وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُالْخَالِدُونَ ) الأنبياء/34 ، وقال سبحانه : ( كُلُّ مَنْعَلَيْهَا فَانٍ .وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ ) الرحمن/26،27 وقال : ( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ ) الزمر/30 ، إلى أمثال ذلك من الآيات الدالة على أن اللهتوفاه إليه، ولأن الصحابة رضي الله عنهم قد غسلوه وكفنوه وصلوا عليه ودفنوه ولو كانحيا حياته الدنيوية ما فعلوا به ما يفعل بغيره من الأموات .
ولأن فاطمة رضي الله عنها قد طلبت من أبي بكررضي الله عنه إرثها من أبيها صلى الله عليه وسلم لاعتقادها بموته ، ولم يخالفها فيذلك الاعتقاد أحد من الصحابة بل أجابها أبو بكر رضي الله عنه بأن الأنبياء لايورثون . ولأن الصحابة رضي الله عنهم قد اجتمعوا لاختيار خليفة للمسلمين يخلفه وتمذلك بعقد الخلافة لأبي بكر رضي الله عنه ، ولو كان حيا كحياته في دنياه لما فعلواذلك فهو إجماع منهم على موته .ولأن الفتن والمشكلات لما كثرت في عهد عثمان وعلي رضيالله عنهما ، وقبل ذلك وبعده لم يذهبوا إلى قبره لاستشارته أو سؤاله في المخرج منتلك الفتن والمشكلات وطريقة حلها ولو كان حيا كحياته في دنياه لما أهملوا ذلك وهمفي ضرورة إلى من ينقذهم مما أحاط بهم من البلاء . أما روحه صلى الله عليه وسلم فهيفي أعلى عليين لكونه أفضل الخلق ، وأعطاه الله الوسيلة وهي أعلى منزلة في الجنةعليه الصلاة والسلام .
وحياة البرزخ حياة خاصة فالأنبياء أحياءوالشهداء أحياء في البرزخ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الأنبياء أحياء فيقبورهم يصلّون ) أخرجه المنذري والبيهقي ، وصححه وله شواهد في الصحيحين .
وقال تعالى : ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيلالله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون ) البقرة/154 ، فهذهحياة خاصة لها طبيعة خاصة يعلمها الله وليست كحياة الدنيا التي تفارق فيها الروحالجسد .
والأصل في الأموات أنهم لا يسمعون كلام الأحياءمن بني آدم ، لقوله تعالى : ( وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ)فاطر/22 ، فأكد الله عدم سماع من يدعوهم إلى الإسلام بتشبيههمبالموتى . ولم يثبت في الكتاب ولا في السنة الصحيحة ما يدل على أن النبي صلى اللهعليه وسلم يسمع كل دعاء أو نداء من البشر ، وإنما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنهيبلغه صلاة وسلام من يصلي ويسلم عليه فقط لما رواه أبو داود (2041) بإسناد حسن عنأبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من أحد يسلم عليإلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام " وهذا ليس بصريح أنه يسمع سلام المسلِّم، بل يحتمل أنه يرد عليه إذا بلّغته الملائكة ذلك . ولو فرضنا سماعه سلام المسلِّم، فهو استثناء من الأصل كما استثني من ذلك سماع الميت لقرع نعال مشيعي جنازته ،واستثني من ذلك سماع قتلى الكفار الذين قبروا في قليب بدر لنداء الرسول صلى اللهعليه وسلم إياهم حين قال لهم : " هل وجدتم ما وعد ربكم حقا ، فإنا وجدنا ما وعدناربنا حقا "انظر فتاوى اللجنة الدائمة ( 1 / 313 ،318 ، 321 )
وأما بالنسبة لدعاء النبي صلى الله عليه وسلموالطلب منه مباشرة فهذا عين الشرك الذي بعث النبي صلى الله عليه وسلم لينهى عنه ،ويحارب أهله ، ولمعرفة حكم ذلك بالتفصيل يراجع السؤال رقم (10289)و (11402) و (1439).
نسألالله أن يرد المسلمين لدينهم ردا جميلا . والله أعلم ، وصلى الله على نبيهمحمد وعلى آله وصحبه وسلم .